قبل سنوات طويلة، نشرت مجلة "تايم" الامريكية تقريرا صحافيا عن.. "الاماكن السياحية في وسط العاصمة المصرية ـ القاهرة"، ومن اطرف ما جاء في تقرير المراسل انه حين طلب اعداد هذا التقرير اخبروه بضرورة الحصول على موافقة وزارة الاعلام ووزارة الداخلية، ويقول انه.. "تفهم ضرورة الحصول على ترخيص من الاعلام، لكن.. لماذا الداخلية؟"
فجاء جواب المسؤول المصري.. "حتى يرافقك عدد من رجال الامن"! كتب المراسل تقريره وارسله الى مجلته في نيويورك التي نشرته كاملا، ومن اهم ما جاء فيه تلك الفقرة التي يقول فيها.. "الناس هنا تشعر بالرعب يطل من عيونها حين يقوم الضباط ـ والذين يرتدون ملابس مدنية ـ وهم برفقتي بإبراز بطاقاتهم عندما نريد الدخول الى مكان ما، لقد كانت هذه البطاقات تفعل مفعول السحر وتفتح الابواب المغلقة، وتجعل الجميع ـ بلا استثناء ـ يتراجعون الى الوراء حتى تلتصق ظهورهم.. بالجدران"!
تذكرت تلك الحكاية وأنا اقرأ واطالع ذلك الهجوم الكاسح الذي قاده عدد كبير من كتاب المقالات في الصحف القومية ـ التابعة للحكومة ـ وصحف المعارضة في مصر ضد الكويت وكل شيء فيها حول قضية المصريين اللذين قبض عليهما في احد مراكز الشرطة الكويتية وتعرضا.. للضرب!
قبل شهور، شاهد سكان القاهرة واقاليمها بملايينها السبعة عشر شريط "بلوتوث" لضابط شرطة مصري يعتدى على سائق ميكروباص وبمساعدة من امين الشرطة حيث جرى ضربه وهتك عرضه في قضية تناولها الرأي العام في مصر لشهور طويلة، ثم قضية الصبي الذي سقط ميتا بعد دقائق من خروجه من مركز شرطة في منطقة "المنصورة"، والزميلة درية الملطاوي ـ من مجلة صباح الخير في عددها الصادر في 2007/8/28، صفحة 15 نشرت في عمودها المعنون بـ "بالفاكس" رسالة من مواطن مصري اسمه "طارق رشاد عبدالحميد السيد" يعمل في التلفزيون يقول فيها ان ضابط شرطة اعتقله بتهمة تجارة المخدرات مع ان الشخص المطلوب يتشابه معه في الاسم الاول والثاني ويختلف في الاسم الثالث والرابع، وقد تعرض للضرب والحرق بأعقاب السجائر، ثم ضربوا ابنه وزوجته وصادروا جهازي هاتف جوال لهما، وعندما توقع ظهور الحقيقة عند عرضه على وكيل النيابة تفاجأ بأن هذا الاخير "ألعن" من الضابط اذ بادره بالشتائم والاهانات "وألبسه" تهمة المخدرات ليدخل على اثرها سجن »ليمان أبو زعبل الصناعي 2 عنبر أ غرفة 4/2 بعد ان "طسّه" القاضي بخمس سنوات.. سجنا"!
ونشرت صحيفة الحياة اللندنية خبرا عن اعتقال محام من محافظة القليوبية تعرض ـ في قسم الشرطة ـ لاعتداءات بدنية و.. تحرشات جنسية واكل ضربا.. "لم يأكله كلب دخل مسجداً".. كما يقول المصريون!
الكتاب الصحافيون شنوا هجوما حادا ضد الكويت وكأنهم اكتشفوا ـ فجأة ـ ان "للمواطن المصري كرامة" بعد ان عودتهم حكومتهم على ان تسعيرة "المصري الغلبان" حين يموت في حادث قطار هو تعويض اهله بـ "2000 جنيه" ـ أي ما يعادل مائة دينار كويتي أو ثلاثمائة دولار امريكي أي ما يساوي سعر غسالة كورية في السوق الحرة بمطار القاهرة ـ اما حكاية.. "احنا اللي حررنا بلدكم من الغزو واحنا اللي رجعناكم واحنا و.. احنا"، فهذا القول مردود عليه بأن نقول.. "واحنا اللي اعطيناكم قروضا ومساعدات وهبات طيلة اربعة عقود، وقاتل جنودنا معكم في 67 و1973 وحرب الاستنزاف و.. و.."، وكما يقول المثل المصري الشهير.. "لا تعايرني ولا اعايرك.. ده الهم طايلني و.. طايلك"!
تحدث هؤلاء ـ ايضا ـ في مقالاتهم عن.. "هروب رجال الشرطة وضباطها في الكويت لحظة الغزو العراقي"، ونقول لهؤلاء.. "هروب الشرطة عندنا ـ ان حدث ـ هو اهون من هروب.. نواب القروض ونواب الرشاوى ونواب العبارات الغارقة ونواب المخدرات ونواب العمارات المتساقطة و.. غيرهم!!
لا اعني ـ من حديثي هذا ـ ان ابرئ وزارة الداخلية الكويتية مما حدث لهؤلاء المصريين، ولكن في نفس الوقت احاول تنبيه الزملاء في مصر بألا تأخذهم الحمية الفارغة على قضية فردية خاسرة، وان يسألوا انفسهم اولا.. "لماذا لم توفر بلدهم لقمة لهؤلاء لكي لا يضطروا للبحث عنها في الغربة؟ على الاقل، حتى "يستمتعوا" بتعذيب ضباط الشرطة المصريين الذين كانوا اول من اخترع اسلوب.. "نفخ المعتقلين" في زنازين مراكز البوليس وسجون الاستخبارات و.. معتقلاتها!
مش حرام.......................... والله حرام