حرف العين: العمرة
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان: «ما منعك أن تكوني حججت معنا قالت: ناضحان - أي بعيران - كانا لأبي فلان - زوجها - حج هو وابنه على أحدهما وكان الآخر يسقي عليه غلامنا قال: فعمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي» [أخرجه مسلم].
ذكر الإمام النووي رحمه الله أن معنى تقضي حجة أي تقوم مقامها في الثواب لا أنّها تعدلها في كل شيء فإنّه لو كان عليه حجة فاعتمر في رمضان لا تجزؤه عن الحجة.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنّه يكره تكرارها والإكثار منها باتفاق السلف. كما أن العمرة في رمضان ليست محددة بأوله ولا بوسطه ولا بآخره. ( فتاوى إسلامية 2/304 بتصرف).
ومن الأخطاء الشائعة التي نبه عليها فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنّ بعض النّاس الذين يأتون في أول الشهر إلى مكة المكرمة إذا كان في وسط الشهر خرجوا إلى التنعيم فأتوا بعمرة أخرى وفي آخر الشهر يخرجون أيضاً إلى التنعيم فيأتون بعمرة ثالثة وهذا العمل لا أصل له في الشرع. ( المرجع السابق: 2/305 بتصرف).
حرف الغين: الغفلة
مما يؤسف له وقوع بعض المسلمين والمسلمات في زماننا الحاضر في غفلة كبيرة عن ذكر الله وما والاه تحجبهم عن اغتنام مواسم الخير كشهر رمضان شهر المغفرة والعتق من النيران.
ومن مظاهر تلك الغفلة الموصلة إلى قسوة القلب:
- السهر في اليل والنوم في النّهار مما يؤدي إلى تضييع كثير من الصلوات بتأخيرها عن أوقاتها.
- إهدار الأوقات سدىً بمتابعة البرامج والمسلسلات ليلاً ونهاراً والعزوف عن التزود بالأعمال الصالحة.
- الإكثار في ليالي رمضان من الزيارات والاجتماع على اللّغو فضلاً عن اللّهو والمنكرات.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -: " الواجب على الصائم وغيره من المسلمين أن يتقي الله سبحانه فيما يأتي ويذر في جميع الأوقات، وأن يحذر ما حرم الله عليه من مشاهدة الأفلام الخليعة التي يظهر فيها ما حرم الله من الصور والأغاني وآلات الملاهي والدعوات المضللة ... لما في ذلك من مشاهدة المنكر وفعل المنكر، ولما في ذلك أيضاً من التسبب في قسوة القلوب ومرضها واستخفافها بشرع الله، والتثاقل عما أوجب الله ". (مجموع فتاوى سماحته مختصراً 4/158 ).
حرف الفاء: الفطر
عند سماعك أذان المغرب تذكري يا أخية أنّ من سنن الفطر ما يلي:
1- التعجيل به مخالفةً لليهود والنصارى قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الدين ظاهراً ما عجل النّاس الفطر لأنّ اليهود والنصارى يؤخرون» [أخرجه أبو داود وقال الألباني صحيح الإسناد].
2- الفطر على رطب أو تمر ففي الحديث عن جابر رضي الله عنه قال: «كان صلى الله عليه وسلم إذا كان الرطب لم يفطر إلا على الرطب، وإذا لم يكن الرطب لم يفطر إلا على التمر» [صحيح الجامع الصغير للألباني].
3- الدعاء عند الإفطار بالدعاء المأثور الوارد في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» [أخرجه أبو داود وحسنه الألباني].
4- الدعاء لمن يفطّره فعن ابن الزبير رضي الله عنه قال: كان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند قوم قال: «أفطر عندكم الصائمون وصلّت عليكم الملائكة» [أخرجه الطبراني وصححه الألباني].
حرف القاف: قراءة القرآن
قراءة القرآن في شهر رمضان من مظاهر الإجتهاد في العبادة التي ينبغي الإكثار منها آناء اللّيل وأطراف النّهار. إلّا أنّه مما ينبغي التنبيه عليه الوقوع في الأخطاء التالية:
1- إسراع بعض النّاس في قراءة القرآن، وهذه كهذّ الشعر بدون ترتيل ولا تدبر لمعانيه وأحكامه. مقصدهم من ذلك هو الوصول إلى ختمه في أقرب وقت مما يتنافى مع قوله تعالى: {وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل: 4] ، وقوله عز وجل: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد : 24]. والواجب الجمع بين الخيرين: كثرة قراءة القرآن وترتيله في هذا الشهر الكريم، وتدبر معانيه والعمل بأحكامه.
2- حرص البعض على قراءة القرآن في نهار رمضان والغفلة عن ذلك في لياليه، ولا دليل ينص على تخصيص قراءة القرآن في نهار رمضان بفضل معين دون لياليه.
3- هجر بعض النّاس لقراءة القرآن بعد انتهاء شهر رمضان بل من النّاس من لا يعرف القرآن إلّا في رمضان.
حرف الكاف: كظم الغيظ
إذا كان الإسلام يحثنا على كظم الغيظ والعفو عن المسيء في كل زمان ومكان قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] ؛ فإنّه في شهر رمضان يكون آكد قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «قال الله: كل عمل ابن آدم له إلّا الصيام فإنّه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إنّي امرؤ صائم ...» [أخرجه البخاري].
ومن أخطاء النّاس في رمضان فقدان بعضهم السيطرة على أعصابه فيثور لأتفه الأسباب ويتلفظ بعبارات غير لائقة.
مع أن المفترض أنّ الصيام يهذب النفوس ويسمو بها إلى معالي الأخلاق.
فليس المقصد من الصيام الإمتناع عن الطعام والشراب فحسب، إنّما ينضم إلى ذلك الإمتناع عن سفاسف الأخلاق قال صلى الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنّما الصيام من اللّغو والرفث، فإن سابّك أحد أو جهل عليك، فقل إني صائم إنّي صائم» [أخرجه الحاكم وصححه الألباني].
حرف اللام: ليلة القدر
تختص ليلة القدر على غيرها من ليالي رمضان بفضل عظيم قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله ولا يُحرم خيرها إلّا محروم» [أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني].
وعن ثواب قيامها قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري].
ومن حكمة الله تعالى أنّه لم يحددها للنّاس، ليجتهدوا في الطاعة في ليالي العشر كلها.
قال صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» [أخرجه البخاري].
إلّا أن الله عز وجل جعل لها علامات فارقة قال صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء» [أخرجه البيهقي وغيره وصححه الألباني].
وفي حديث آخر: «... ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها» [أخرجه الطبراني وحسنه الألباني].
ولا تنسي يا أخية الإكثار من الدعاء المأثور في هذه الليالي.
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي اللّهم إنّك عفو تحب العفو فاعف عني» [أخرجه أحمد وصححه الألباني].
حرف الميم: المفطرات
القاعدة في جميع المفطرات أنّها لا تفطر إذا لم تكن عن قصد واختيار. (فتاوى منار الإسلام لفضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - (2/331).
وعلى ذلك فإنّ من أمثلة غير المفطرات ما يلي:
القيء غير المتعمد، قلع السن، تحليل الدم، الجرح، الرعاف، الإبر العلاجية، الحقنة الشرجية، قطرة العين والأذن، بخاخ الربو، بلع اللعاب، ذهاب الماء أو غيره كالبنزين إلى الحلق بدون اختيار، تذوق الطعام للحاجة دون ابتلاعه، السواك، معجون الأسنان مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه، الإستحمام، الطيب (ويستثنى منه البخور)، الكحل، الحناء، الدهن المرطب للبشرة، المكياج، تقبيل الزوجة، الإحتلام.
أمّا عن المفطرات الموجبة للقضاء فهي على قسمين:
1- مفطرات موجبة للقضاء فقط كالقيء المتعمد والحجامة، وقطرة الأنف والإبر المغذية (الجلوكوز) وغسيل الكلى، ومن أكل أو شرب شاكّاً في غروب الشمس لأنّ الأصل بقاء النهار.
2- مفطرات موجبة للقضاء مع الكفارة: كالجماع، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد.
(للاستزادة يراجع كتاب: فتاوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، وفتاوى منار الإسلام ، وفتاوى إسلامية "كتاب الصيام").
حرف النون: النسيان
من أكل أو شرب ناسياً وهو صائم فإنّ صيامه صحيح لكن إذا تذكر يجب عليه أن يقلع حتى إذا كانت اللقمة أو الشربة في فمه فإنّه يجب عليه أن يلفظها ودليل تمام صومه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنّما أطعمه الله وسقاه» [متفق عليه].
ولأنّ النسيان لا يؤاخذ به المرء في فعل محظور لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]. فقال الله تعالى: (قد فعلت).
أمّا من رآه فإنّه يجب عليه أن يذكّره لأنّ هذا من تغيير المنكر وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه» [أخرجه مسلم].
ولا ريب أن أكل الصائم وشربه حال صيامه من المنكر ولكنّه يُعفى عنه حال النسيان لعدم المؤاخذة أمّا من رآه فإنّه لا عذر له في ترك الإنكار عليه. (فتوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في فتاوى إسلامية 2/128).
حرف الهاء: الهمة العالية
لقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الهمة العالية في الإقبال على الطاعات في شهر رمضان خاصة في العشر الأواخر منه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» [أخرجه البخاري].
وخير مثال على علو الهمة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين خروجهم للجهاد في سبيل الله لأول مرة في الإسلام في غزوة بدر الكبرى في نهار رمضان.
فأين نحن منهم وقد توفرت لنا جميع سبل الراحة التي لم تكن تخطر ببالهم ومع ذلك نتوانى عن أداء الكثير من الطاعات ونركن إلى الكسل والدعة!!
أين منهم من يتضجر من الدوام ويتسخط من الدراسة في رمضان مع توفر وسائل الراحة في مكان العمل والدراسة بل ووسائل المواصلات! فإلى الله نشكو حالنا.
حرف الواو: وداع رمضان
وعند بوابة الرحيل، تعتصر الأفئدة حزناً وكمداً، وتذرف العيون دمعها أسفاً وألماً على فراق شهر رمضان المبارك.
ولأنّنا لا ندري هل سيكتب لنا معه لقاء جديد أم سيكون هذا هو الوداع الأخير... فإنّي أوصيك أختي الحبيبة بالإجتهاد في الأعمال الصالحة حتى آخر دقيقة في الشهر..
وتذكري أنّ السلف الصالح كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.
وكان من دعائهم: (( اللّهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني تقبلاً )).
فاللّهم اختم لنا شهر رمضان بغفرانك والعتق من نيرانك، وأعده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة والأمّة الإسلامية ترفل في ثوب العز والسؤدد.
حرف الياء: يُمن الحسنة
إن من يُمن الحسنة وبركتها إتباعها بأختها.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنّ الحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى.
فلا تجعلي يا أخية وداع رمضان آخر عهدك بالطاعات والحسنات.
وبادري رعاك الله إلى صيام التطوع كصيام ست من شوال – بعد القضاء – وحافظي على قيام اللّيل، وقراءة القرآن الكريم، والصدقة، والبر والإحسان ما دام في العمر بقية.
وفي الختام أسأل الله جل وعلا أن يختم لنا جميعاً بالصالحات أعمالنا وآجالنا.
وتقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال.
__________________