حرف الألف: الإحتساب
ويقصد به البدار إلى طلب الأجر من الله تعالى عند عمل الطاعات وأن يُبتغى بها وجهه الكريم كما في صوم رمضان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه» [متفق عليه].
فاحرصي أختي الكريمة عند صيامك على الإحتساب، وابتغاء وجه الله عز وجل دون سواه لتنالي الجزاء العظيم.
وتذكري أن للإحتساب في فعل الطاعات عامة ثمرات من أهمها:
تحقيق الإخلاص، والبعد عن الرياء، وتقوية الإيمان، وحصول السعادة في الدارين، بل إن الاحتساب يحول العادات إلى عبادات كالمنام والطعام وغير ذلك.
فاحتسبي الأجر عند الله عز وجل وأنت تعدين طعام الإفطار لأسرتك وضيوفك واضعة نصب عينيك قوله صلى الله عليه وسلم: «من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً» [أخرجه أحمد وصححه الألباني].
حرف الباء: البشارة
احمدي الله يا أخية أن بلّغك هذا الشهر الكريم.
وأبشري بالخير الكثير إن أقبلت فيه على الله عز وجل بنية صادقة.
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النّار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنّة، فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ كل ليلة: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النّار، وذلك في كل ليلة» [أخرجه ابن ماجة وحسنه الألباني].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ في الجنّة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد» [متفق عليه].
وقد كان السلف الصالح يقولون عند حضور شهر رمضان: ((اللّهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر فسلمه لنا وسلمنا له وارزقنا صيامه وقيامه وارزقنا فيه الجد والإجتهاد والقوة والنشاط وأعذنا فيه من الفتن)).
حرف التاء: التراويح
من خصوصيات شهر رمضان الكريم مشروعية صلاة التراويح فيه.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن معنى التراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة كالتسليمة من السلام. سميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين.
وفي الصحيحين عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من قامَ رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه» [متفق عليه].
وذكر الإمام النووي رحمه الله أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح.
كما عقب الحافظ ابن حجر رحمه الله بأنّه يحصل بها المطلوب من القيام لا أنّ قيام رمضان لا يكون إلّا بها.
أمّا عن السنّة في صفتها فقد ذكرتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمّا سُئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت: " ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً..." [الحديث أخرجه البخاري].
وتُشرع متابعة الإمام حتى ينصرف، قال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة» [أخرجه الأربعة وصححه الألباني].
حرف الثاء: ثبوت الشهر
يثبت دخول شهر رمضان وخروجه برؤية الهلال.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فأقدروا له» وفي رواية: «فأكملوا العدة ثلاثين» [متفق عليه].
ذكر الإمام النووي رحمه الله بأن معنى قوله: «فإن غُمّ عليكم» حال بينكم وبينه غيم، واستدل بذلك على عدم جواز صيام يوم الشك ولا يوم الثلاثين من شعبان عن رمضان إذا كانت ليلة الثلاثين غيم.
وفيه دلالة على أنّه لا يجوز اعتماد الحساب في ذلك.
وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الأهلة. (مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: 4/174 بتصرف).
وعلى المسلم أن يصوم مع الدولة التي هو فيها ويفطر معها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون» [أخرجه الترمذي وصححه الألباني]، (وانظر المرجع السابق4/175).
حرف الجيم: الجود
في هذا الشهر الكريم تذكري أختي في الله أن لك إخوة في الإسلام يعانون من الجوع والفقر والمرض على مدار العام، فليكن هذا الشهر نقطة انطلاقة لك بالجود والعطاء.
ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النّاس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة من رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة» [أخرجه البخاري].
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث وجه التشبيه بين أجوديته صلى الله عليه وسلم بالخير وبين أجودية الريح المرسلة بأن المراد بالريح ريح الرحمة التي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الذي يكون سبباً لإصابة الأرض الميّتة وغير الميّتة أي فيعم خيره وبره من هو بصفة الفقر والحاجة ومن هو بصفة الغنى والكفاية أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة صلى الله عليه وسلم.
حرف الحاء: حفظ الجوارح
مع الصيام يتأكد وجوب حفظ الجوارح عن المعاصي والآثام.
قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [أخرجه البخاري].
ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن المراد رد الصوم المتلبس بالزور وقبول الصوم السالم منه.
كما ذكر ناقلاً عن البيضاوي أنه ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة.
فصوني أيتها الغالية جوارحك عن المعاصي فلا يفكر عقلك إلّا في طاعة الله، ولا يحمل قلبك إلّا كل خير للمسلمين والمسلمات، ولا تقع عيناك أو تنصت أذناك أو ينطق لسانك إلّا بما يحبه الله ويرضاه وجاهدي نفسك في ذلك.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
حرف الخاء: الخروج من المنزل
في شهر رمضان يكثر خروج النساء من بيوتهن إمّا لأداء صلاة التراويح في المسجد، وإمّا للأسواق لشراء مستلزمات العيد أو غير ذلك.
فقبل أن تبادري بذلك أخية تذكري أنّ الأصل للمرأة القرار في بيتها.
بل إن صلاتها في بيتها أفضل لها من صلاتها في المسجد مع جواز ذهابها إليه.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن» [أخرجه أبو داود وصححه الألباني].
فما بالك بما هو دون ذلك من المطالب الدنيوية ! فلا تكثري أيتها الحبيبة من الخروج لغير حاجة ولا تضيعي هذه الليالي العظيمة في الأسواق.
وتذكري قوله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان» [أخرجه الترمذي وصححه الألباني].
وإن اضطررت للخروج من المنزل فالتزمي بحجابك الشرعي الساتر بشروطه التي ذكرها أهل العلم وهي: (استيعاب جميع البدن، أن لا يكون زينة في نفسه، أن يكون صفيقاً لا يشف، أن يكون فضفاضاً غير ضيق، أن لا يكون مبخراً مطيباً، أن لا يشبه لباس الرجال ولا الكافرات، أن لا يكون لباس شهرة).
حرف الدال: الدعاء
قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر : 60].
وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدعاء هو العبادة» [أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني].
فلا يفوتك اغتنام هذا الشهر الكريم بالإجتهاد في الدعاء والإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة خاصة في أوقات الإجابة والتي منها على سبيل المثال:
(الصائم حتى يفطر، المظلوم، المسافر، الوالد لولده، المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب، بين الأذان والإقامة، في الثلث الأخير من الليل، في السجود، عند نزول المطر، في آخر ساعة من يوم الجمعة).
ولا تغفلي عن الإخلاص في الدعاء، والإلحاح فيه، وعدم الإستعجال، واليقين بالإجابة وتذكري حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربّكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أن يردهما صفراً ليس فيهما شيء» [أخرجه أبو داود وصححه الألباني].
فلا تتواني عن الدعاء متحرية أوقات الإجابة حتى لا تكوني مّمّن قال فيهم صلى الله عليه وسلم: «أعجَز النّاس من عجز عن الدعاء وأبخل النّاس من بخل بالسلام» [أخرجه البيهقي وصححه الألباني].
حرف الذال: الذكر
في هذا الشهر الفضيل سارعي أختي الغالية إلى الإكثار من ذكر الله جل وعلى فلا يفتر لسانك عن الذكر في جميع أحوالك حتى وأنت تؤدين أعمالك المنزلية متأسية بالرسول صلى الله عليه وسلم.
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه» [أخرجه مسلم].
واستبشري بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيراً والمظلوم والإمام المقسط» [أخرجه البيهقي وحسنه الألباني].
وتذكري قوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الذكر لا إله إلّا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله» [ أخرجه النسائي وحسنه الألباني].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الكلام سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» [أخرجه أحمد وصححه الألباني].
وقوله عليه الصلاة والسلام: «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» [أخرجه البخاري].
واعلمي أن في ذكر الله حياة القلوب، قال صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» [أخرجه البخاري].
حرف الراء: رخصة الفطر
إن من التيسير على المسلمين أنّ الله عز وجل رخص للمسافر بالفطر في نهار رمضان سواء شق عليه الصيام أو لم يشق .
عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله : إنّي أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح ؟ قال صلى الله عليه وسلم : «هي رخصة من الله عز وجل فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه» [أخرجه مسلم] .
وإتيان الرخص من الأمور التي قرنها الله عز وجل بمحبته، قال صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» [أخرجه أحمد وصححه الألباني] .
وذكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ أنّ الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقا، ومن صام فلا حرج عليه ؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يثبت عنه هذا وهذا .. ولا فرق في ذلك بين من سافر على السيارات أو الجمال أو السفن و البواخر، وبين من سافر في الطائرات فإنّ الجميع يشملهم اسم السفر ويترخصون برخصه. (مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله( 4/187) مختصراً ).