أهم الأشياء التي يجب على الإنسان أن يعرفها الأعداء الذين يقفون في طريقه إلى الجنة، الأعداء الذين يعوقون سيره إلى ذلك الفوز الكبير العظيم والخلود في جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، كما أخبرنا ربنا عز وجل.
نعم هناك أعداء ثلاثة كبار في الطريق..
يجب أن تكون خبيراً بهم وبأسلحتهم ومكايدهم.. حتى نعد لهم العدة ونتجهز لحربهم لأن الانتصار عليهم فيه سعادة الدنيا والآخرة، أما الهزيمة ففيها الخسران في الدنيا والآخرة.
إنهم:
الشيطان، والنفس، والدنيا..
ولنبدأ بأول عدو..
ونفتح هذا الملف المغلق عند كثير منا لا يفكر فيه ولا يهتم كيف يحاربه....
أو يأخذ الموضوع بـ(هزار) وهو لا يعلم خطورة ما فيه وما ينتظره.
لنرجع إلى الوراء آلاف بل ملايين السنين.. كان "آدم" و"حواء" في الجنة -كل شيء حلال مسموح به إلا شجرة واحدة- "وقلنا يا آدم اسكن آنت وزوجك الجنة فكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين".
لكنّ هناك مخلوقا حقودا كارها للإنسان اسمه "إبليس" وكان من الجن.. تكبر الشيطان على ربه حين أمره بأن يسجد مع الملائكة لآدم سجود تكريم لا سجود عبادة فرفض غير مقتنع بأمر الله، وهذا هو سر كفره، فهي ليست معصية عادية بل هو تعديل على أمر ملك الملوك، فقال "إبليس": "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين".
فطرده الله من رحمته ووعده بالخلود في عذاب النار فقال الشيطان له: "أنظرني إلى يوم يبعثون، قال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم".
وبدأ الشيطان الحقود ينفذ مخططه في إهلاك هذا المخلوق الذي ظن الشيطان أنه سبب عذابه، والحقيقة أن سبب عذابه هو كبره، فقال بكل غل وحقد: "لأغوينهم أجمعين".
وبدأ يأتي لـ"آدم" ليزين له هذه الشجرة التي لا ميزة فيها على الإطلاق لكنه استخدم معه أسلوبه في تزيين المعصية ليراها أجمل من حقيقتها، وقال له: يا "آدم" هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى، أي أنه إذا أكل منها فسيكون خالداً في الجنة وعنده ملك عظيم لن يؤخذ منه.
بل قالها لهما: "ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين"، وأقسم لهما إنه ينصحهما.. "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين".
فزين لـ"آدم" الشجرة فأكل منها ليهبط هو وذريته ونزل معهما الشيطان لتبدأ المعركة الكبرى المستمرة إلى نهاية الدنيا...
1- أطراف المعركة: الشيطان وكل واحد منا.
2- أرض المعركة: الدنيا من بداية ولادتك إلى آخر لحظة في حياتك.
3- الهدف: كفر هذا الإنسان ودخوله مع الشيطان.
هل هناك خطط بديلة للشيطان إن لم يكفر الإنسان؟ إن المهم بالنسبة له هو أن يدخل الإنسان النار أو يجعله تعيسا في الدنيا.
فهل الخطوات لذلك معروفة؟..
نعم..
ولنبدأ معاً في شرح خطوات الشيطان للوصول بأي واحد منا إلى النيران والعياذ بالله.. وكيف نواجه كل خطوة:
أولاً: الشيطان ليس غبيا وإنما هو ذكي جداً وعنده خبرة كبيرة نظرا لطول عمره وكثرة تجاربه معنا، لكنه ضعيف جداً إذا استعنا عليه بالله وهو قوي جداً علينا إذا اعتمدنا على أنفسنا وذكائنا ومن ذكاء الشيطان أن له خطوات للوصول لمراده.
لقد حذرنا الله بقوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان"، وذلك لأن الشيطان يستخدم خطوات معروفة للوصول لمراده وهو كفر الإنسان وإن لم يستطع فهناك خطوات بديلة
فهيا بنا نفضحه ونستعرضها:
الخطوة الأولى: اكفر بالله..
وهذه ضربة قاضية في الجولة الأولى قد لا يستخدمها معنا كثيرا لأن أغلب المسلمين بل كلهم يحبون ربهم ولا يفكرون أبداً في ترك دينهم، ولكن تأمل معي هذه القصة المشهورة: قصة عابد بني إسرائيل الذي كان يعبد الله مائتي عام وحده في صومعة له وأراد بعض الشبان أن يتركوا أختهم عنده لأنهم ذاهبون لسفر، فقال: "لا تتركوها معي، ولكن اتركوها في بيتها، وأنا سأعتني بأمرها وآتي لها بالطعام"، فجاءه الشيطان وقال له: "وأنت تعطيها الطعام اسأل عنها لتطمئن عليها في وحدتها"... وبقي الأمر هكذا أياما وشهورا. فقال له: "إذا أعطيتها الطعام فلتتكلم معها بعض الوقت في الدين حتى تنصحها". وبقي الأمر هكذا فترة. ثم قال له: "اجلس معها في بيتها وهي تأكل لتؤنس وحدتها... فقط وهي تأكل"...
حتى تعود العبد دخول بيتها فقويت لديه الشهوة تجاهها وحصل ما كان يخطط الشيطان له من شهور أو سنين طويلة... إنها الفاحشة.. بعد عبادة هذه السنين كلها..
وجاءه الشيطان حين حملت منه ووضعت الولد فقال له: "سيفتضح أمرك ويعرف إخوتها بما حدث... اقتلها... وادفن معها ابنها... وعد عابدا كما كنت".. فقتلها وقتل ولدها ودفنها..
ثم جاء الإخوة فأخبرهم بأنها ماتت... لكن الشيطان جاء لهم في الحلم وأخبرهم بمكان الدفن فأخرجوها وجاءوا به ليقتلوه، فقال له الشيطان: "لو سجدت لي سجدة سأجعلهم يتركونك"، فسجد له... سجد للشيطان فتركه فقتلوه وهو ساجد للشيطان.. كفر بالله، فأنزل الله فيه: "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين".
هذه هي الخطوة الأولى: اكفر بالله..
الخطوة الثانية: الحث على ارتكاب الكبائر..
إذا فشل في تكفير العبد فإنه يقول له: "ارتكب الكبائر" والكبيرة هي الذنب الذي يوجب غضب الله ولعنه مثل الزنا، وشرب الخمر، والقتل، وعقوق الوالدين، وقصف المحصنات، وشهادة الزور، وهي مهلكة وكبيرة جداً في ميزان السيئات يوم القيامة.
وما الحل... التوبة إذا كان أحدنا قد سقط في هذه الكبائر أو واحدة منها..
1- يندم.
2- يتوقف عن هذا الفعل.
3- يعزم على ألا يعود.
نقول له إن شاء الله تاب الله عليك..
الخطوة الثالثة: الحث على ارتكاب الصغائر الكثيرة..
إذ يقول لك: "أنت أحسن من غيرك.. أنت لم تغضب الله، ثم يقول لك "نظرة.. لفظ بذيء.. أخر الصلاة.. كذبة صغيرة.."..
حتى تكثر هذه الصغائر فتصير في الميزان مثل الجبل.. واسمع الحديث: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم ولكنه رضي بما تحقرون من الأعمال".
وما الحل؟
أولا: علينا بكثرة الاستعاذة منه..
ثانيا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر"..
ثالثاً: "الصلاة إلى الصلاة مكفرات لما بينهما ما لم تؤتَ الكبائر".
الخطوة الرابعة: هي شغلنا بالمباح..
فالكرة مثلا ليست بالحرام، لكنه يشغلنا بها عن الصلاة.. النوم ليس بالحرام لكنه يضيع علينا الفجر.. الخروج ليس بالحرام لكنه يشغلنا به عن بر والدينا..
وما الحل: الحل هو ترتيب الأولويات..
لا شيء يعطلني على الصلاة- بر الأهل- الاجتهاد في العمل..
ثم بعد ذلك يأتي المباح والترفيه..
الخطوة الخامسة: هي شغلنا في الدين بأشياء أقل ثواباً..
فمثلاً أنت تقرأ المقال الآن وهو مقال ديني عليه ثواب كبير إذا قرأته لكن إذا نودي للصلاة فالأولى والأكثر ثواباً ترك أي عمل حتى لو كان دينيا والذهاب للصلاة.. ولكنه سيقول لك "هذا عمل ديني.. لا تصلّ الآن وانتظر بعد أن تنتهي مما تفعله"، وهكذا يشغلنا بالأعمال الأقل ثواباً، وهذا مدخل خفي يحتاج لمعرفة ترتيب الأولويات والأعمال المحببة إلى الله وأكثرها ثواباً.
الخطوة السادسة والأخيرة:
إن لم يقدر عليك في كل هذا فسيأتي على من حولك وأصحابك ليجعلهم يقفون في طريق قربك من الله إما بالسخرية منك أو بعرض المعاصي عليك، وكل هذا ليعرقل المسيرة إلى الله عز وجل، لذلك فاختيار الصحبة من أهم عوامل الثبات والإقبال على الله ..
أما أهم سلاح يواجه الشيطان
فهو كثرة الذكر وكثرة الاستعاذة بالله منه ومن مكايده..
ثبتنا الله وإياكم..