لأننا تعودنا علي شرب المياه مخلوطة بمياه المجاري.. فقد حق علينا أن نأكل أسماكًا مزروعة في برك المجاري، وما علينا إلا أن نصبر ونتحمل في صمت، ونأكل أسماكًا نشأت وترعرعت علي المخلفات البشرية التي تعافها الحيوانات (!!). ** لولا الخبر الذي نشرته »الأهرام« أمس، لما عرفنا أن أهلنا في الوادي الجديد تفتق ذهنهم عن فكرة جهنمية، هي تجميع مياه المجاري في برك ومستنقعات شاسعة لتربية الأسماك، ونقلها إلي الأسواق لكي نقدم وجبة شهية لأهلنا في مدن وقري الصعيد. حيث يصعب عليهم التمييز بين السمكة الطاهرة، والسمكة الملعونة (!!).
** وفهمنا من الخبر أن الأجهزة المسئولة في محافظة الوادي الجديد تنبهت أخيرًا إلي هذه الكارثة، ولم تجد لديها من وسائل المكافحة سوي قطع الطرق بالكتل الأسمنتية لمنع السيارات من نقل الأسماك إلي الأسواق، ورصدت مكافآت مالية لمن يرشد عن هذه البرك مما يدل علي أن أصحابها مجهولون ومستورون مثل زراع الحشيش والبانجو في صحراء سيناء، وتبين أن جهاز المكافحة لا يزيد علي ضابط واثنين من المجندين، مطلوب منهم الكشف عن هذه البرك المنتشرة في الواحات، ومصادرة أدوات الصيد المخبأة داخل البرك (!!)
** وبدلا من استخدام مياه المجاري في زراعة الغابات الخشبية، استخدمها أولاد إبليس في زراعة الأسماك، لأن زراعة الأخشاب تستغرق وقتًا طويلاً، أما زراعة الأسماك فتدر أرباحًا عاجلة عملا بالقاعدة الذهبية: اكسب واهرب (!!).
** يحدث كل هذا، وفي الوادي الجديد نواب عن حزب الحكومة، وفرسان ينتسبون إلي الحزب الحاكم يجعلون من النسب غطاء وحصانة لارتكاب المحرمات، وجمع الثروات دون حسيب أو رقيب، ودون سؤال أو طلب إحاطة، أو حتي تقديم المساعدة في مكافحة هذا البلاء إلي أن اضطرت المحافظة إلي الاستنجاد بإدارة الحرب الكيماوية.
** ونحن علي أبواب شهر رمضان المعظم: ليس أمامنا إلا أن نتوجه إلي الله ليمدنا بمزيد من الصبر والاحتمال.