تساعد الصلاة الخاشعة على تهدئة النفس
وإزالة التوتر لأسباب كثيرة، أهمها شعور
الإنسان بضآلته وبالتالي ضآلة كل مشكلاته
أمام قدرة وعظمة الخالق المدبر لهذا
الكون الفسيح، فيخرج المسلم من صلاته وقد
ألقى كل ما في جعبته من مشكلات وهموم، وترك
علاجها وتصريفها إلى الرب الرحيم، وكذلك
تؤدي الصلاة إلى إزالة التوتر بسبب
عملية تغيير الحركة المستمر فيها، ومن
المعلوم أن هذا التغيير الحركي يحدث استرخاء
فسيولوجيا هاما في الجسم، وقد أمر به
الرسول صلى الله عليه وسلم أي مسلم تنتابه
حالة من الغضب، كما ثبت علميا أن للصلاة
تأثيرا مباشرا على الجهاز العصبي، إذ أنها
تهدئ من ثورته وتحافظ على اتزانه، كما
تعتبر علاجا ناجعا للأرق الناتج عن الاضطراب
العصبي.
ويقول الدكتور " توماس هايسلوب " : "إ ن من
أهم مقومات النوم التي عرفتها في خلال
سنين طويلة من الخبرة والبحث الصلاة، وأنا
ألقي هذا القول بوصفي طبيبا، فإن الصلاة
هي أهم وسيلة عرفها الإنسان تبث
الطمأنينة في نفسه والهدوء في أعصابه."
أما الدكتور " إليكسيس كارليل" الحائز
على جائزة نوبل في الطب فيقول عن الصلاة: "
إنها تحدث نشاطا عجيبا في أجهزة الجسم
وأعضائه ، بل هي أعظم مولد للنشاط عرف إلى
يومنا هذا، وقد رأيت كثيرا من المرضى الذين
أخفقت العقاقير في علاجهم كيف تدخلت
الصلاة فأبرأتهم تماما من عللهم، إن الصلاة
كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع ومولد ذاتي
للنشاط، ولقد شاهدت تأثير الصلاة في
مداواة أمراض مختلفة مثل التدرن البريتوني
والتهاب العظام والجروح المتقيحة
والسرطان وغيره "
أيضا يعمل ترتيل القرآن الكريم في
الصلاة حسب قواعد التجويد على تنظيم التنفس
خلال تعاقب الشهيق والزفير، وهذا يؤدي
بدوره إلى تخفيف التوتر بدرجة كبيرة، كما أن
حركة عضلات الفم المصاحبة للترتيل تقلل
من الشعور بالإرهاق وتكسب العقل نشاطا
وحيوية كما ثبت في بعض الأبحاث الطبية
الحديثة.
وللسجود دور عميق في إزالة القلق من نفس
المسلم، حيث يشعر فيه بفيض من السكينة
يغمره وطوفان من نور اليقين والتوحيد.
وكثير من الناس في اليابان يخرون ساجدين
بمجرد شعورهم بالإرهاق أو الضيق والاكتئاب
دون أن يعرفوا أن هذا الفعل ركـن من أركان
صلاة المسلمين.
*
تحكي لنا السيدة الفلبينية "جميلة لاما"
قصتها مع الصلاة:
" لـم أكن أعرف لحياتي معنى ولا هدفا،
سؤال ظل يطاردني ويصيبني بالرعب كل حيـن:
لماذا أحيا ؟ وما آخر هذه الرواية الهزلية
؟ كان كل شيء من حولي يوحي بالسخف واللا
معقول، فقد نشأت في أسرة كاثوليكية
تعهدتني بتعليمي هذا المذهب بصرامة بالغة،
وكانوا يحلمون أن أكون إحدى العاملات في
مجال التبشير بهذا المذهب على مستوى
العالم، وكنت في داخلي على يقين أن هذا أبدا لن
يحدث.
" كنت أستيقظ كل يوم عند الفجر، شئ ما
يحدثني أن أصلي كي أخرج من الضيق الشديد
والاكتئاب الذي كان يلازمني في هذا الوقت ،
وكان ذلك يحدث أيضا عند الغروب، وفعلا
أخذت أصلي على الطريقة النصرانية، فهي
الطريقة الوحيدة التي أعرفها، إلا أن إحساسي
بالفراغ الروحي ظل يطاردني ويسيطر علي
رغم صلواتي المتتابعة "
" كنت متعطشة لشيء آخر لم تكن لدي أي
صورة واضحة عنه، كانت الدموع تنهمر من عيني
كثيرا، وكنت أدعو الله أن يمنحني النور
والبصيرة والصبر، وازددت هما وقلقا، وراح
الفراغ يطاردني والحيرة تتملك حياتي بما
فاض تماما عن قدرتي على الاستيعاب "
وتكمل جميلة: " وفي أحد الأيام ومع ازدياد
حالة التوتر أحسست برغبة قوية تدفعني
للبحث عن مكان للصلاة لا صور فيه، وبحثت عن
ذلك المكان طويلا حتى وجدته أخيرا، مسجد
صغير جميل في أطراف بلدتنا بين المروج
الخضراء في وسط حقول الأرز، لأول وهلة
عندما وضعت قدمي على أعتابه دق قلبي بعنف
وانشرح صدري وأيقنت أنه المكان الذي حدثتني
نفسي طويلا للبحث عنه "
وتكمل جميلة قصتها: " وعلمتني إحدى
المسلمات كيف أتوضأ وكيف أصلي لله الواحد
القهار، وشاركت المسلمين الصلاة لأول مرة في
حياتي، وعندما بدأت الصلاة غمرتني
السكينة ولفتني الطمأنينة كما لم يحدث لي من
قبل، وعندما سجدت لله مع جموع المصلين فاضت
روحي بسعادة لا حدود لها، لقد شعرت أني
سأطير فرحا بعثوري على هذه الصلاة"
وفي النهاية تقول جميلة:
" الصلاة، هي تماما ما كنت أتعطش له، لقد
أصبحت صديقتي المحببة، ورفيقتي الدائمة
التي أتخلص معها من كل ضيق ومن أية
معاناة، لقد ودعت الاكتئاب إلى الأبد فلم يعد
له أي معنى في حياتي بعد أن هداني الله جل
وعلا للإسلام وأكرمني بحب الصلاة، ولا
أجد ما أقول تعليقا على هذا سوى: الحمد لله
الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن
هداني الله"