هل ما نقرأ هذه الأيام يمثل: فقر حكومة.. أم فقر صحفى.. أم ضعف ذاكرة من يقرأ؟! المناسبة اننا كثيراً ما نقرأ أخباراً مكررة.. بل بعضها عبارة عن أخبار موسمية تتكرر، وتتردد بين فترة وأخرى.. مثلاً »تهب« الصحف بمناسبة وبدون مناسبة لتنشر أخبارا تحمل العناوين التالية: خطة لإزالة ألغام الساحل الشمالى.. وتقصد الألغام التى زرعها الانجليز والألمان والطليان خلال معركة العلمين فى الحرب العالمية الثانية.. وسوف نحتفل بمرور نصف قرن آخر.. ومازالت الألغام قائمة..
ومثل: جهود مكثفة لاحتواء مشكلة قش الأرز للحد من التلوث.. بينما فى الدول »اللى بتفهم« قاموا باستخدام هذا القش وتحويله إلى أخشاب ومواد خام للصناعة.. والسماد!! والطوب أحياناً!!
** وكما تعودنا أن نقرأ هذه الأخبار على امتداد سنوات عديدة.. سوف نقرأ.. ولكن عام 2057 أى بعد نصف قرن خبراً عنوانه: أزمة رغيف الخبز فى طريقها للحل!!
وكذلك خبراً يقول: توصيل مياه الشرب لآخر قرية فى مصر هذا العام.. وتمر الأعوام ومازالت الأزمة فى مكانها!!
تماماً كما ستنشر لنا الصحف خبراً عام 2057 يقول: الرئيس يبحث تطورات الأزمة الفلسطينية.. ويناقش مبادرات السلام العربية والأجنبية.. والأمريكية..
** وسوف نقرأ عام 2057 خبراً عنوانه يقول: مصر قادرة على انتاج وتطوير السلاح الذى يحمى أراضيها.. مع خبر يقول: الرئيس يبحث فرص نجاح المؤتمر الدولى للسلام.. وكذلك الرئيس يطالب الحكومة بضبط الأسعار واعطاء الأولوية القصوى لحماية محدودى الدخل.
ولا مانع من أن تنشر الصحف خبراً يقول: مخزون القمح يكفى 6 أشهر.. أى اننا مازلنا نأكل مما نستورد من القمح ولا نأكل مما نزرع.
** وسوف تتصدر أخبار الصحف فى صيف عام 2057 أخباراً تقول: لا خوف على مصر من فيضان النيل.. والسد العالى آمن!! وبجانب ذلك خبر عن توفير مكابس الأرز الآلية للمحافظات.
أما الخبر الذى سوف يتكرر كل أسبوع على الأقل وسوف نراه ونقرأه عام 2057 فيقول: غرق 5 عمال فى بالوعات المجارى..
وسوف نقرأ أيضاً ـ وربما ونحن نضحك ـ خبراً عنوانه: توفير 200 ألف فرصة عمل فى السنوات الخمس القادمة!!
** ما هو معنى كل هذه الأخبار؟! المعنى واضح أن هذه المشاكل سوف تستمر لسنوات طويلة.. وسوف تعجز كل الحكومات.. حكومة وراء حكومة.. عاماً وراء عام عن حل واحدة من هذه المشاكل التى تأكل المواطن المصرى.. وسوف يقول الناس كلما قرأوا هذه الأخبار: حقا أنها كلام.. جرايد.. ولا يقولون أن الصحف تنقل ما يقوله الوزير أو المسئول، خصوصاً الصحافة الخبرية..
والطريف أن أخبار مكتب التنسيق الذى عرفته بلادنا من أكثر من نصف قرن سوف تستمر أيضاً لأكثر من نصف قرن.. مما يعنى أن المصري مازال يبحث عن كليات القمة.. وإذا كان الحاصل من نصف قرن على 60% من المجموع يدخل احدى كليات القمة فاننا نتوقع ألا يدخل الحاصل على 105% أىا من كليات هذه القمة.. ولا يعرف أحد كيف يحصل الطالب من هؤلاء على هذه النسبة من المجموع الآن؟!
** قضايا مصر ومشاكلها ياسادة سوف تظل كما هى دون أى حل مادام الشعب يسمع ويقرأ.. وكل ما يفعله هو أن يمصمص شفاهه ..
هذه هى مانشيتات صحف مصر.. ولكن عام 2057 أى بعد نصف قرن.. ما رأيكم؟!